22- ومن آداب الطعام ، غسل اليدين قبل الطعام وبعده : شريعتنا شريعة سمحة ، تحث على احترام الحقوق ، حتى وإن كانت للحيوان ، بل وحتى للكافر ، شريعتنا شريعة النزاهة ، وديننا يحث على النظافة ، ويدعو إليها ويرغب فيها ، قال تعالى : " وثيابك فطهر " [ المدثر ] ، وقال تعالى : " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " [ البقرة ] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ " ، قَالَ رَجُلٌ : إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ؟ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ ، وَغَمْطُ النَّاسِ " [ أخرجه مسلم ] .
الإسلام يحافظ على معتنقيه من كل سوء ومكروه ، قال تعالى : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " ، الإسلام يدعو أهله للاهتمام بالصحة ، ومن أهم من يميز المسلم عن غيره ، النظافة الداخلية والخارجية ، من تطهير للقلوب من أرجاس الحقد والحسد والغل وغير ذلك ، وكذلك تطهير المظهر الخارجي للمسلم من أدران القذارة والوساخة ، ومن أهم الأمور التي تحفظ صحة العبد اهتمامه بالنظافة قبل الطعام وبعده ، فقبل البدء بالطعام يتفقد يديه ويغسلهما ، وبعد الفراغ من طعامه يغسلهما جيداً ، لكيلا تتعلق بها الجراثيم والقاذورات ، فتسبب له الأمراض السهلة والمستعصية ، ولهذا جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ ، فَأَصَابَهُ شَيْءٌ ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ " [ أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجة وأحمد والدارمي ، وصححه الألباني ] .
الغمر : زهم اللحم أو الدسم ، أو الرائحة التي تبقى في اليد بعد الأكل .
فمن نام وفي يده أو فمه شيء من أثر اللحم من الدسم ، فربما أصابته الهوام والدواب والحشرات وهو نائم لا يعي ، وهذا مشاهد ملموس عند الناس ، فمن الناس من تجده ينام سليماً لا شيء فيه ، فإذا استيقظ من نومه وجد أثراً في فمه أو وجهه عامة ، لأن الهوام والحشرات تقصد تلك الرائحة فتؤثر على الإنسان ، وتسبب له آلاماً يحتاج معها للعلاج ، ولو فعل ما جاءت به السنة ، لكان خيراً له . [ شرح الطيبي 9 / 2857 ] .
وقيل أن من نام وفي يده ريح لحم ، أو دسم فربما وصلت إليه الهوام وذوات السموم ، لرائحة الطعام التي في يده فتؤذيه ، وقيل : من الجان أيضاً من قد يقصده لرائحة الطعام التي في يده ، وقيل : ربما أصيب بالبرص ، لأن اليد إذا وصلت إلى شيء من البدن بعد عرقه فربما أصيب بذلك ، ولهذا جاء عند الطبراني من حديث أبي سعيد مرفوعاً : " من بات وفي يده ريح غمر فأصابه وضح ـ برص ـ فلا يلومن إلا نفسه " [ مرقاة المفاتيح 8 / 125 ] .
من أجل ما قد يحصل من مفاسد جراء النوم وفي اليد ريح طعام ، أو بقاياه ، حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من ذلك ، وحثهم على غسلها قبل النوم ، وبعد الأكل .
والأدلة التالية تؤيد ذلك ، فمن السنة غسل اليد قبل الطعام وبعده ، لئلا يتأذى الإنسان مما قد يبقى على يديه أو في فمه من فضلات الطعام .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ غَسَلَ يَدَيْهِ " [ أخرجه النسائي ] .
وعَنْها رضي الله عنها ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ يَدَيْهِ " [ ابن ماجة ] .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : مَرَرْنَا عَلَى بِرْكَةٍ ، فَجَعَلْنَا نَكْرَعُ فِيهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَكْرَعُوا ، وَلَكِنِ اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ ، ثُمَّ اشْرَبُوا فِيهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ إِنَاءٌ أَطْيَبَ مِنَ الْيَدِ " [ أخرجه ابن ماجة ] .
وعن عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ قَالَتْ : غَسَلَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ " [ أخرجه النسائي ] .