محروسة علام
عدد المساهمات : 74 تاريخ التسجيل : 13/10/2010
| موضوع: تابع اداب الطعام الخميس أكتوبر 14, 2010 10:05 am | |
| 11 - ومن آداب الطعام ، انتظار الطعام الحار حتى يذهب فوره ودخانه : وهذا الأدب من آداب الطعام المهجورة ، التي هجرها كثير من الناس اليوم ، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم فضل ترك الطعام حتى يبرد ، فقال : " هو أعظم للبركة " ، فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنها ، أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا أُتِيَتْ بِثَرِيدٍ ، أَمَرَتْ بِهِ فَغُطِّيَ حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرَةُ دُخَانِهِ ، وَتَقُولُ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " هُوَ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ " [ أخرجه الدارمي ، وأورده الألباني في الصحيحة برقم 392 ] . وأخرج الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح من حديث أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنها ، أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا ثَرَدَتْ غَطَّتْهُ شَيْئًا حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرُهُ ، ثُمَّ تَقُولُ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ " . وقال أبو هريرة رضي الله عنه : " لا يؤكل طعام حتى يذهب بخاره " [ أخرجه البيهقي ، وصحح إسناده الألباني رحمه الله في الإرواء 7 / 37 ، والسلسلة الصحيحة حديث رقم 392 ] . وقد يكون للطعام الحار أضراراً لا نعلمها ، فقد جاء عند الطبراني في الصغير واختلف العلماء في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بصحفة تفور ، فرفع يده منها ، فقال : " اللهم لا تطعمنا ناراً " [ الإرواء 7 / 38 ، والسلسلة الصحيحة حديث رقم 392 ] . وأخرج الحاكم وفي سنده العرزمي وهو متروك شديد الضعف عن جابر مرفوعاً : " أبردوا الطعام الحار ، فإن الطعام الحار غير ذي بركة " [ السلسلة الصحيحة صفحة 748 ] . 12- ومن آداب الطعام ، عدم النفخ في الطعام : عن بن عباس رضي الله عنهما قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفخ في الطعام والشراب " [ أخرجه أحمد ، وهو حديث حسن صحيح على شرط الشيخين ، انظر الإرواء 7 / 36 ] ، وعن مكحول أنه كان يكره النفخ في الطعام والشراب ، وعن مجاهد أنه لم يكن يرى بالنفخ في الطعام والشراب بأساً " [ مصنف بن أبي شيبة ] . أما ما جاء عن مكحول فهو موافق لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما رأي مجاهد فهو مخالف لنهي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا شك أن قول النبي صلى الله عليه وسلم مقدم على غيره من الأقوال ، لأنه لا ينطق عن الهوى ، بل هو وحي من الله تعالى يوحى إليه . فالنهي عن النفخ في الطعام لعلة أنه ربما وقع من فيه شيء في الطعام والشراب من لعاب أو غيره ، أو ربما خرجت منه رائحة كريهة تبقى في الطعام والشراب ، فإن رآه من يستقذر ذلك لم يأكل من الطعام ، ولم يشرب من الشراب ، بل ربما أدى إلى ذلك إلى البغضاء بين الناس ممن يفعل ذلك الفعل ، فعلى المسلم أن يتمسك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن يحذر من مخالفة أمره . إذن الحديث يدل على كراهة النفخ في الطعام والشراب ، وكذلك التنفس في الإناء ، وأكثر أهل العلم كرهوا ذلك ، لا سيما إذا كان الطعام في صحن واحد يجتمع عليه جمع من الناس ، أو كان الشراب في إناء واحد يدور عليهم ، فيشربون جميعاً ، فالنفخ حينئذ يعد سوء أدب ، وقلة في الحياء ، وعدم اعتبار للآخرين ، فمن الناس من يتقذر لذلك الفعل ، فيعاف الطعام والشراب الذي نفخ فيه ، فالطعام إن كان ساخناً يُترك حتى يبرد . والنهي هنا عام ، سواءً أكل الإنسان لوحده أم مع جماعة . [ إهداء الديباجة 4 / 437 ] . 13- ومن آداب الطعام ، الأكل مما يليه : وعدم الأكل من جوانب الطعام ، أي من جوانب الصحن أو القصعة أو الصحفة ، عن أَنَسَ ابْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قال : إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ ، وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ ـ القرع واليقطين ـ وَقَدِيدٌ ـ اللحم المملح المتروك في الشمس ـ قَالَ أَنَسٌ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ الصَّحْفَةِ ، قَالَ : فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مُنْذُ يَوْمَئِذٍ " [ متفق عليه ] ، فهذا دليل من فعله صلى الله عليه وسلم وأنه كان يأكل من طرف الصحفة دون وسطها ، أما أقواله عليه الصلاة والسلام فإليكها : عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ اللَّيْثِيِّ قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِ الثَّرِيدِ فَقَالَ : " كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ مِنْ حَوَالَيْهَا ، وَاعْفُوا رَأْسَهَا ، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَأْتِيهَا مِنْ فَوْقِهَا " [ أخرجه ابن ماجة وهو حديث صحيح ] . وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقَصْعَةٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا ، وَدَعُوا ذُرْوَتَهَا يُبَارَكْ فِيهَا " [ أخرجه ابن ماجة وأبو داود ، وهو حديث صحيح ] . وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ ، فَخُذُوا مِنْ حَافَتِهِ ، وَذَرُوا وَسَطَهُ ، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهِ " [ أخرجه ابن ماجة ، وهو حديث صحيح ] . وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْبَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطَّعَامِ ، فَكُلُوا مِنْ حَافَتَيْهِ ، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ " [ أخرجه الترمذي ، وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وهو كما قال رحمه الله ] . فهنا أدب من آداب الطعام ، وهو كراهة الأكل من وسط القصعة أو ذروتها ، وإنما ينبغي تناول الطعام من حواف القصعة وجوانبها ، وذلك لأن البركة تنزل في وسط الطعام ، فلا ينبغي أن يستأثر بها أحد الحاضرين دون الآخرين ، لأن في ذلك ترك أدب ، وسوء عشرة . [ إهداء الديباجة 4 / 431 ] . فالأحاديث دلت على مشروعية الأكل من جوانب الطعام قبل وسطه . قال الرافعي وغيره : يكره أن يأكل من أعلى الثريد ووسط القصعة ، وأن يأكل مما يلي أكيله ، بل نص الشافعي رحمه الله تعالى على التحريم ، ويستثنى من ذلك الفواكه ، فربما كان في جهته فاكهة لا يرغبها ، وفي جهة غيره فاكهة يحبها ، فيمد يده لتناولها . [ عون المعبود 10 / 176 بتصرف ] . وقال الغزالي : وأن لا يأكل من دورة القصعة ـ مما يلي غيره ـ ولا من وسط الطعام ، بل يأكل من استدارة الرغيف ـ حوافه يعني لا يكسره ـ إلا إذا قل الخبز فيكسر الخبز . [ الإحياء 2 / 8 ] . والنهي عن الأكل من وسط الطعام عام ، سواءً أكل الرجل وحده أو كان معه غيره ، لأن الحديث أطلق النهي ، وإن كان قد قال الخطابي رحمه الله : " فأما إذا أكل وحده فلا بأس " [ معالم السنن 4 / 243 ] . وربما كان قول الخطابي رحمه الله وجيهاً ، لأنه بأكله وحده وإن طاشت يده في الصحفة ، فإنه لا يؤذي أحداً بذلك ، لكن لا يأكل من أعلى الصحفة ، لأن البركة تنزل في أعلاها ، ولكن يأكل من جوانبها . فإن كان الطعام مكوناً من أصناف عدة ، كأن يكون فيه مثلاً : قرع وباذنجان ولحم وغيره ، فلا بأس أن يتخطى بيده إلى النوع الذي يرغبه ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء ـ القرع ـ من الصحفة ويأكلها ، عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قال : إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ ، قَالَ أَنَسٌ : فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ ، وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ ، قَالَ أَنَسٌ : فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوْلِ الصَّحْفَةِ ، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ " [ متفق عليه ] ، وفي لفظ قال أَنَسٍ : فَجَعَلْتُ أَجْمَعُ الدُّبَّاءَ بَيْنَ يَدَيْهِ " . فالحديث ظاهر في جواز تتبع الطعام الذي يشتهيه الإنسان دون غيره من الأطعمة الأخرى التي لا يريدها ، وواضح في الحديث أن هناك ثمة أطعمة أخرى غير الدباء .
| |
|