ستى الحاجة

موضوع: ستى الحاجة الإثنين أكتوبر 18, 2010 8:46 am

ستى الحاجة

حرمت حضارة اليوم بعض الأسر الكبيرة ( المكونة جدى وستى الحاجة) من رعاية الأسرة الصغيرة لها ، تلك الرعاية التي تشكل واجبا مقدسا في وجداننا جميعا .
فالأسرة الكبيرة هي المدرسة الأولى التى يتعلم فيها الأبناء معانى الحياة وتتفتح فيها مداركهم على الواقع ، كما أنها مركز التدريب والتوجيه وإعداد الأفراد، وتقديم التضحيات ؛ كل ذلك من أجل أن تكون الأسرة الصغيرة قادرة على أن تؤدي دورها بأفضل وجه - صحيح وناجح - فنحن لم نخترع أنفسنا فجأة .
ولن يأتي يوم يكون فيه تهرب الأبناء عن رعاية الأبوين المسنين حسناً أو حتى مقبولا , فمن الخطأ الجسيم أن لا نقدر (نحن الأبناء) الحق العظيم الذى علينا تجاه الأسرة الكبيرة خاصة (الأبوين المسنين) , فهذه الأسرة الكبيرة هى الوحدة الحضارية الاجتماعية الأولى ويوم أن تضيع أو تهمل يكون التأثير جلل وخطير.
فالارتباط الدائم بالامتداد العائلي؛ يوفر التربية والرفاهة لكل شخص ليس عن طريق الأسرة المباشرة فقط (الأب_الأم) بل من خلال شبكة ممتدة من الأفراد ( الجد والجدة – والأعمام والعمات – والأخوال والخالات ) فيكون التعاون والتكافل أمرا واضحا وبديهيا ، والاهتمام بالفقراء من أفراد العائلة والأرامل والأيتام والمحتاجين، ومساندة الأبناء وقت الشدة، والحفاظ على الأفراد من السقوط فى الرذائل، وتوفير خدمات لا حصر لها من الرعاية والعناية وغيرها من الخدمات التي لا يستطيع الفرد أن يوفرها لنفسه بمفرده .
وكل ذلك يساعد على مضاعفة الجهد والإنتاج والمثابرة ، وكذلك تضامن الأسرة الكبيرة والصغيرة، حافز قوى لعمل علاقات اجتماعية واسعة تحمى من وقوع الظلم على أى فرد من أفرادها من قبل مؤسسة أو شخص خارجي.
الأسرة الكبيرة هى الحماية والانتماء والأصالة وتوفر لكل فرد فيها الاحساس بالسمو الذاتى والقوة والقبول فى المجتمع كله , كما تقوى فى أفرادها روح الجماعية والتضحية فى سبيل الآخرين وهذا يوصل للإستقرار النفسى .

كل هذه الميزات ، بخلاف أن ينشأ الصغار على حب الخير والتمييز بين الحسن والقبيح ، والابتعاد عن مواطن الانحراف ، وتنمية الذوق والآداب ، كما تشكل العائلة الكبيرة بترابطها أداة رقابية مهمة للمراهقين وحتى للكبار فتحول دون ارتكاب الكثير من المنكرات، كما أن التفافها يجعلها تكرر تصويبها للأخطاء التى يقع فيها الصبية فتجعلهم قادرين على التقييم والتقويم للسلوك , كما تربى الصغار على التعود على صلة الأرحام والحب والتواصل والتزاور والبر والإحسان التى هى سبب لسعادتنا وحفظ كياننا .
والارتباط بالأسرة الكبيرة يمّكن المرأة من حرية الخروج للمشاركة فى العمل والعمل العام ومختلف الأنشطة الاجتماعية والثقافية دون الخوف على أولادها أو بيتها من الضياع .
وتبقي في النهاية ملاحظة هامة لابد من ذكرها حتى لا يفهم الموضوع على غير الوجه الصحيح، وهى أن الأسرة الكبيرة لا يقصد بها تواجدهم معاً فى بيت واحد ومكان واحد، بل يمكن للأسرة الصغيرة أن تستقل بمكان وبيت خاص بها، فالمقصد هنا مجموعة الحقوق والواجبات المتبادلة بين الطرفين، والتي تهدف إلى تقوية الروابط وإسعاد الجميع ، ولا نسعى بالطبع أو نهدف إلي توغل الأسرة الكبيرة على الصغيرة وإلغاء دورها فلكل دوره الخاص به ، ولكل دوره تجاه الآخر .